فى المساء اتصلوا بنا وطلبوا مقابلتنا خارج المعسكر، وذهبنا للقائهم، حيث دار الحوار التالى فى كافتيريا حبيبة:
بالطبع بديهي -كما ستستمعون لآرائنا فى التسجيلات...لسنا مؤيدين لتيار أوسلو داخل فتح، ولا نحن مؤيدين لحماس بكل ممارساتها...
نحن نؤيد نهج المقاومة أيا ما كان القائم به...وكذلك نعارض نهج التسوية وكل السبل المؤدية اليه، أيا من كان مسئول عنه...والفارق شاسع بين الامرين...فلسنا دعاة فتنة ولا لنا مصلحة مع طرف، ولا لنا حسابات نريد تصفيتها مع طرف...
لذا نحن لا نؤيد او ننحاز لجهة ما أيا ما كانت ممارساتها، ولا نعارض جهة أخرى على طول الخط...بل نرى مساحات الاختلاف والاتفاق مع المصلحة العامة.
لذا قد نختلف مع تيار أوسلو ورموزه، لكن افراد مؤسساته كثيرين منهم ضد نهج أوسلو، ومنحاز وشارك واعطى الكثير للمقاومة، وهم فى النهاية ابناء الشعب الفلسطيني نتمنى ان يحسموا جميعا انحيازهم له، وينظفوا صفوفهم من حثالة أوسلو وزمرتهم.
لكن تصوير ما يحدث فى غزة الان باعتباره "حرب تحرير شعبية" بين فصيل مقاوم وآخر عميل للاحتلال محض هزل...ولبيان الفارق بين من يدير صراعه لنصرة وطن وامة وقضية وشعب، وبين من يدير صراعه لصالح تنظيمه فقط ولو على حساب الوطن والامة والمصير والشعب...هو تماما الفارق بين كيفية ادارة حزب الله فى لبنان صراعه مع العدو الصهيوني وصراعه مع اصحاب مشروع التسوية..
وبين حماس
1- حزب الله رغم انه أدار المعركة العسكرية مع العدو -نسبيا- وحده او على الاقل بقيادته، لكنه لم يدع انه حقق النصر وحده، وله وحده حصد ثماره...بل اهدى النصر -ليس فقط للبنان- بل لكل الامة...واستشعر الجميع انهم بالفعل شركائه فى المعركة وفى النصر...
حماس منذ انسحاب العدو من غزة...ورغم انها لم تدر معركتها معه منفردة كما فعل حزب الله فى لبنان، أقامت كل احتفالاتها منفردة...وإدعت انها صاحبة الانتصار...وحدها
2- حزب الله أعلن أكثر من مرة ان السلطة ليست هدفا له، بل عزف عن المشاركة فى الانتخابات لفترة طويلة، وحتى حين شارك فى الانتخابات وفى الحكم...لم يدر صراعه مع المناؤين له على السلطة..بل قدم استقالته من الحكومة واحتكم للشارع اللبنانى...ولم ينصفه فقط الشارع اللبنانى..بل والشارع العربي أيضا..فاعلام حزب الله رفرفت على انحاء الوطن العربي، حتى فى الخليج...وفى السعودية..وداخل الازهر الشريف...
وشهد الجميع لحزب الله انه لم يرق دم لبنانى من أجل السلطة.
بينما حماس اولا قبلت الانتخابات تحت مظلة أوسلو، ومنذ شكلت السلطة والى الان صراعها منفردة على السلطة...فقط..وليس على مشروع سياسى او مقاوم
بل على العكس اختفت صورة حماس كفصيل مقاوم تماما، وحل محلها حماس صاحبة السلطة...
وحل محل بيانات عمليات المقاومة، اخبار حقائب الاموال المصاحبة لكبار القادة والرموز العائدين للتو من زيارات رسمية للدول العربية، خاصة فى الخليج.
وجاع الشعب الفلسطيني فى غزة، بينما توزعت الاموال على رجال حماس ومؤيديهم!!
اى ان حماس لم تعتبر نفسها ممثلة ومسئولة عن كل شعب فلسطين..واطعامهم ودفع مرتباتهم، بل فقط حماس ومؤيديها!!
3- حزب الله فى معركته على الساحة اللبنانية مع تيار الموالاة للسلطة وللامريكان..حشد كل القوى الوطنية المؤيدة لنهج المقاومة...على مشروع مقاوم ومناهض للسيطرة الامريكية على صنع القرار اللبنانى، ورافض للتسوية مع الكيان الصهيوني.
بينما حركة حماس لا رأيناها تقيم حوارا مع أقرب الفصائل لها، ولا سعت فى تقوية المنحازين لنهج المقاومة فى كافة الفصائل بما فيها فتح...ولا فى حشد القوى المناؤة لتيار أوسلو ومشروعها وأجندتها...وتجميعهم على مشروع وطنى جامع مقاوم..
بل فعلت العكس تماما..انفردت بالسلطة ولم تعد -الان- تحتمل مجرد خلافا فى الرأى يطرح...واستباحت الدم الفلسطيني..وشاهدنا اشتبكاتها مع كافة الفصائل.. وقمعت المظاهرات..حتى داخل الجوامع دارت اشتباكات..وتابعنا تمثيلهم بالجثث...وشراسة قتالهم مع فلسطينين
لدرجة ان الناس فى الشوارع بغزة بتخاف تحكى رأيها!! خشية من بطش حماس!!...وفى غزة الان -بيحكوا لى- القتل صار اسهل من اشعال سيجارة!!!!!!!!!!!!
وبدأ الجميع -بما فيهم كافة فصائل المقاومة- ترى فى حماس حاكما مستبدا منفردا - ليس فقط بحكم البلاد- بل بتحديد مصير كل قطاع غزة..وربما كل القضية الفلسطينية...اى مصير كل الامة فى صراعها مع العدو الصهيوني والامريكي...
4- فى لبنان هناك مشروعين متصارعين، واضح الفارق بينهما..احدهما مقاوم والآخر تسووى...احدهما ضد التدخل الاجنبي والاخر يدعو الاجنبي للتدخل!!
ومن المفارقات ان كلا المشروعين يحمل كل تنويعات لبنان، المذهبية والسياسية، لكن اصحاب المشروع الوطنى المقاوم ليسوا طائفيين...بينما الطرف الاخر -رغم تنويعاته- الا ان خطابه واجندته طائفية!!
لكن الحديث عن ان حماس تمثل مشروعا جذريا مقاوما فى مقابل مشروع تسووى أوسلوى...كمان محض هزل... لان حماس قبلت منذ فترة طويلة قيام الدولة الفلسطينية على ارض 67...اى حل الدولتين..!! بل ان مشروعها المرحلى هو ذاته مشروع فتح...قيام دولة فلسطينية على ارض 67...
حماس -من قبل وصولها للسلطة- وهى تطرح استعدادها للقبول "بهدنة طويلة الامد"!!!
وارجو مراجعة تصريحات كل كبار رموز حماس...خاصة الرنتيسي رحمه الله.
حماس قبلت النزول للانتخابات تحت مظلة أوسلو...واعلنت قبولها المبادرة العربية (صناعة توماس فريدمان وتعريب السعودية)..ووقعت على ذلك فى اتفاق مكه...واعلن مشعل استعداد حماس لاحترام كافة الاتفاقات المبرمة مسبقا!!!
هناك فرق شاسع بين أصحاب مشروع مقاومة من أجل تحرير الوطن ونهضة الامة
وبين أصحاب تنظيم يضحون بالوطن والامة من اجل بقاء التنظيم فى السلطة..
وليتها سلطة حقيقية...بل سلطة بلا دولة وتحت الاحتلال!!!
حين طرح الواقع سؤالا: ماذا لو وصل التيار الاسلامى للسلطة...قدمت حماس أسوء اجابة...ونموذجا.
فى الحقيقة لا يسعنى الا ان احيى بقوة نموذجين مشرفين لفصائل المقاومة العربية، لم ينزلاقا لما انزلق اليه الاخرين من أخطاء فادحة، وكانا بالفعل نموذجا يحتذى ، سواء من ناحية المشروع المطروح، ووضوح الرؤية، واتساق الفعل مع الشعار، وهما حزب الله فى لبنان..وتنظيم الجهاد فى الفلسطين.
كان بودى اطرح اسما لفصيل مقاوم على الساحة العراقية...لكن الحالة هناك مختلطة بشدة...الا ان هذا لا ينقص مطلقا من قيمة ووزن وتأثير المقاومة العراقية بكل فصائلها.
وتحياتى للجميع،
ندى